دراسة عن الحوسبة السحابية بمفهومها الشامل – الجزء الأول

0


هناك اختلافات ونقاشات كثيرة حول مفهوم الحوسبة السحابية، كثير من الناس يعتقدون الحوسبة السحابية كمجموعة من التقنيات، صحيح أن هناك مجموعة من التقنيات الشائعة التي تشكل البيئة السحابية لكن هذه التقنيات ليست هي جوهر السحابة.
السحابة في الحقيقة هي خدمة أو مجموعة خدمات، وهذا جزئيا هو السبب في تعقيد تعريف الحوسبة السحابية.
في الأصل كانت فكرة السحابة كمجموعة من الخدمات والتقنيات والأنشطة المجمعة، ما الذي كان يحدث داخل السحابة لم يكن معلومات لمستخدمي تلك الخدمات، وهذا جزئيا هو سبب تسميتها بالحوسبة السحابية، لكن هذا التعريف تغير منذ ذلك الحين، فقد أدرك مقدمي الخدمات السحابية أنه على الرغم من أن بعض المستخدمين لا يبالون فيما يجري خلف الكواليس، إلا أن بعضهم يهتم بذلك، وهذا الاهتمام هو الذي دفع مقدمي الخدمات إلى أن يكونوا أكثر وضوحا بشأن ما يجري خلف الكواليس، وفي كثير من الأحيان يسمح للمستخدمين بتكوين حلول مراقبة النظام الخاصة بهم.
كما هو الحال مع جميع الخدمات؛ الحوسبة السحابية وما يتعلق بها من خدمات قد تغيرت مع مرور الوقت، معظم الخدمات تتغير سريعا لتتكيف مع احتياجات المستخدمين، وإذا توقفت قليلا وفكرت؛ ما هي الخدمات – خاصة المتعلقة منها بالتقنية – التي استخدمتها ولم تتغير على مر الزمن؟ ليس الكثير. أليس كذلك؟ لأنك إذا كنت مقدم لأي خدمة من الخدمات يجب عليك أن تعدل وتطور وتوالف الخدمات التي تقدمها من أجل بقاء عملائك وتكون خدماتك ذات قيمة لهم.
لذلك فالخدمات السحابية ليست بمنآي عن ذلك، من هنا جاء الإرباك في تعريف الحوسبة السحابية، في كل مرة يأتي البعض بتعريف جديد ويظنون أنه الأقرب والأفضل؛ تتغير الخدمات.
حتى جاء المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا ( NIST ) بتعريف ظن البعض أنه هو التعريف النهائي للحوسبة السحابية، إلا أنه تغير أيضا مع مرور الوقت. لكن تعريف ( NIST ) لايزال هو المعيار الذي يرجع إليه الناس في معظم الأحيان عند الحديث عن السحابة.
تعريف ( NIST ) له ثلاثة عناصر رئيسية:
  • خمس خصائص رئيسية للسحابة
  • أربعة أنماط لتدشين السحابة
  • ثلاثة نماذج للخدمة السحابية
cloud-computing-article

خصائص الحوسبة السحابية

بسبب شعبية السحابة في الفترة الأخيرة كثير من الشركات ومزودي الخدمات كانوا يحاولون ركوب موجة شعبية السحابة بادعائهم أنهم كانوا يقدمون خدمات سحابية على الرغم من أنهم لم يكونوا كذلك، مجرد أن تطبيق ما يستند إلى الويب لا يعني ذلك أنه تطبيق سحابي، بل يجب أن يحمل التطبيق والخدمات المتعلقة به خصائص معينة قبل اعتباره تطبيق سحابي.
تعريف ( NIST ) للحوسبة السحابية يضع الخطوط العريضة لخمسة خصائص رئيسية وسنتحدث عنها بشكل مختصر وهي:
  • خدمة ذاتية حسب الطلب On-Demand Self-Service
  • الوصول العريض إلى الشبكة Broad Network Access
  • تجميع الموارد Resource Pooling
  • المرونة السريعة Rapid Elasticity
  • الخدمة المقاسة Measured Service
يجب توفر جميع هذه الخصائص الخمسة لاعتبار أنك مزود حقيقي للخدمات السحابية، وسنتحدث عنها بشكل مختصر.
خدمة ذاتية حسب الطلب   ON-DEMAND SELF-SERVICE
خدمة ذاتية حسب الطلب تعني أن المستخدم يستطيع الطلب والوصول وتلقي الخدمة التي يريدها في أي وقت وبدون تدخل أو دعم فني من أحد لإنجاز الطلب يدويا، وكل هذه العملية يجب أن تتم بشكل تلقائي مما يوفر المزايا لكل من المستخدم ومقدم الخدمة.
يعتبر تطبيق الخدمة الذاتية ميزة جذابة جدا من مميزات السحابة لأنها تسمح للمستخدمين سرعة الوصول والحصول على الخدمات التي يريدونها بيسر وسهولة مقارنة مع البيئات التقليدية حيث كان الطلب عادة يأخذ أيام وربما أسابيع لإنجازه مسببا تأخير للمشاريع والمبادرات، أما في البيئات السحابية فلا داعي للقلق من هذه الناحية.
في كثير من الأحيان قد يكون من الصعب تنفيذ ميزة الخدمة الذاتية للمستخدمين من الناحية البرمجية، لكن مع مقدمي الخدمات السحابية الأمر يستحق عناء الوقت والمال.
عادة ما يتم تطبيق الخدمة الذاتية عبر بوابة واجهة المستخدم وغالبا ما تكون عبر المتصفح، في الواجهة؛ يقدم المستخدم المعلومات اللازمة والملائمة، وفي الخلفية تطل واجهة المستخدم على واجهات التطبيقات البرمجية ( APIs ) المدارة من قبل التطبيق أو الخدمة، ويمكن أن يكون تحديا كبيرا إذا كانت النظم الخلفية لا تمتلك واجهات التطبيقات البرمجية أو أساليب أخرى ملائمة تسمح بالتشغيل الاوتوماتيكي أو التلقائي، ويمكن أن تكون بعض العمليات لا يمكن جعلها تعمل تلقائيا بشكل كامل، لذا من المهم فهم العمليات التي يمكن أن تعمل بشكل آلي من غيرها عند تطبيق الخدمة الذاتية في بيئتك.
الوصول العريض إلى الشبكة   BROAD NETWORK ACCESS
الوصول إلى الخدمات السحابية يجب أن يتم بسهولة ولا يتطلب من المستخدم سوى خط الانترنت العادي للوصل إلى الخدمات أو التطبيقات، وبالرغم من نمو سرعات الإنترنت في الوقت الحالي إلا أنها بطيئة نسبيا مقارنة بالشبكات الداخلية، وبالتالي على مقدمي الخدمات السحابية ألا يتطلب لاستخدام خدماتهم سعات انترنت عالية من العملاء.
وأيضا محدودية سعات الانترنت تقودنا إلى النقطة الثانية من هذه الخاصية وهي ألا يتطلب من المستخدمين تحميل برنامج عميل للدخول إلى الخدمات السحابية، أو على الأقل ألا يكون ذو حجم كبير لأنه إذا كان كذلك فإن تحميله يتطلب وقتا طويلا وخاصة مع الاتصال الضعيف.
وهذا أيضا يقودنا إلى النقطة الثالثة من هذه الخاصية وهي أن الخدمة السحابية يجب الوصول إليها بواسطة مجموعة واسعة من الأجهزة، الجهاز المكتبي أو المحمول ليسا الوحيدين الذين يستخدمهما العميل، هناك أيضا الجهاز الذكي والجهاز اللوحي وخيارات أخرى للمستخدم للوصول إلى الانترنت أو الشبكة، فعلى مقدم الخدمة أن يدعم جميع هذه الأجهزة بأنظمتها المختلقة.
تجميع الموارد   RESOURCE POOLING
تجميع الموارد يساعد في خفض التكاليف والسماح بالمرونة لدى مقدمي الخدمة السحابية.
تجميع الموارد قائم على حقيقة أن المستخدم لن يكون بحاجة إلى استخدام الموارد المتاحة له باستمرار، لذا عند عدم استخدام الموارد من قبل أحد المستخدمين، وبدلا من أن تكون خاملة، يمكن لمستخدم آخر الاستفادة من هذه الموارد، هذا يسمح لمزود الخدمة من أن يخدم عدد أكبر ما إذا كان لكل مستخدم مواد مخصصة له.
عادة يتم تجميع الموارد باستخدام “الافتراضية” (Virtualization) والتي تسمح لمزودي الخدمات السحابية لزيادة كثافة أنظمتهم حيث تمكنهم من استضافة جلسات افتراضية متعددة على نظام واحد.
في البيئة الافتراضية يتم تجميع الموارد المادية لأجهزة الحاسب في مكان واحد ويطلق عليه (Pool) ومن ثم يستخدم لإنشاء العديد من الأنظمة افتراضية (Virtual Systems).
المرونة السريعة   RAPID ELASTICITY
تصف المرونة السريعة قدرة البيئة السحابية على التوسع بسهولة لتلبية احتياجات المستخدمين، يجب أن تكون هناك البنية التحتية اللازمة القابلة للتوسع، وقد يكون هذا من البداية إذا تم تصميم البيئة السحابية بشكل سليم بإضافة مزيد من أجهزة الحاسب وأجهزة التخزين وغير ذلك، لكن؛ النقطة المهمة هنا أنه حتى وإن كانت الموارد متاحة إلا أنها تكون غير مستخدمة إلا في وقت الحاجة وذلك لعدم هدر الطاقة.
عادة ما يتم تحقيق المرونة السريعة من خلال التلقائية والتزامن – Automation And Orchestration – وذلك عند بلوغ استخدام الموارد نقطة معينة، عند بلوغ هذه النقطة تكون هناك إشارة لتنفيذ عملية التوسع، وما إن تهدأ عملية الاستخدام المكثف للموارد تتقلص السعة حسب الحاجة، وذلك لضمان عدم تبديد طاقة الموارد لغير حاجة.
ميزة المرونة السريعة في البيئة السحابية هي التي تمكنهم من التعامل مع زيادة السعة حينما تكون حاجة لذلك من قبل المستخدمين في مدة زمنية معينة.
الخدمة المقاسة   MEASURED SERVICE
استخدام الخدمات السحابية يجب أن يكون قابلاً للقياس، يمكن أن يقاس الاستخدام كميا باستخدام مختلف المقاييس كالوقت المستخدم، وعرض النطاق الترددي – Bandwidth – المستخدم، والبيانات المستخدمة.
قابلية القياس هي ما يمكن مقدم الخدمة السحابية من تفعيل ميزة الدفع حسب الاستخدام – pay as you go – مثلا، وبمجرد تحديد المقياس المناسب يتم تحديد معدل السعر.
يستخدم هذا المعدل لتحديد مقدار المبالغ التي سيتحملها المستخدم مقابل استخدام الخدمات، فبهذه الطريقة؛ فإن المستخدم يتحمل فقط على حسب مستويات الاستهلاك، فإن كانت هناك خدمة لم تستخدم في وقت معين فإن العميل لا يتحمل أي شيء خلال ذلك الوقت.
إذا كنت تستخدم الخدمات السحابية يحب أن تتأكد من فهم ما هي الخدمات المقاسة؟ وما هي تكاليف الاستخدام التي ستتحملها فيما بعد؟ حتى لا تتفاجأ بوضع لا تحسد عليه.
cloudcomputing_increasedfunctionality

أنماط تدشين السحابة

تختلف طريقة استخدام السحابة من منظمة إلى أخرى، كل منظمة لديها متطلباتها الخاصة بها بشأن ماهي الخدمات التي تود الوصل إليها عن طريق السحابة، وما مدى التحكم الذي تريده على البيئة السحابية.
ولاستيعاب هذه المتطلبات المتفاوتة يمكن تدشين البيئة السحابية بأنماط مختلفة كل نمط خدمة لديه متطلباته وفوائده، تعريف ( NIST ) للحوسبة السحابية يضع الخطوط العريضة لأربعة أنماط مختلقة لتدشين البيئة السحابية: عامة وخاصة ومجتمعية وهجينة، وسنعطي تعريف مختصر لكل نمط.
السحابة العامة   PUBLIC
عندما يفكر معظم الناس بالحوسبة السحابية؛ يتوجه فكرهم إلى نمط خدمة السحابة العامة، في نمط الخدمة العامة تكون جميع الأنظمة والموارد التي توقر الخدمة متواجدة عند موفر خدمة خارجي، وموفر الخدمة ذاك هو المسئول عن تنظيم وإدارة الأنظمة المستخدمة لتوفير الخدمة، أما العميل فمسئوليته الوحيدة هي أي برنامج أو تطبيق عميل تم تثبيته على نظام المستخدم النهائي.
عادة ما يتم الاتصال بالخدمة السحابية العامة من خلال الانترنت ويمكن أن تكون بعض الخدمات السحابية العامة أو أجزاء منها مجانية.
السحابة الخاصة   PRIVATE
في نمط السحابة الخاصة تكون جميع الأنظمة والموارد التي توقر الخدمة متواجدة داخل المنظمة أو الشركة التي تستخدمها، وتكون تلك المنظمة أو الشركة هي المسئولة عن تنظيم وإدارة الأنظمة المستخدمة لتوفير الخدمة، إضافة إلى أن المنظمة مسئولة أيضا عن أي برنامج أو تطبيق عميل يتم تثبيته على نظام المستخدم النهائي.
عادة ما يتم الوصول إلى خدمات السحابة الخاصة من خلال الشبكة الداخلية – LAN – أو الشبكة الخارجية – WAN – ، أما في حالة المستخدمين عن بعد فيتم الوصول إلى الخدمة عموما باستخدام الانترنت، وأحيانا من خلال استخدام شبكة افتراضية خاصة – VPN .
تقنيا هناك فرق بسيط، أو لا فرق على الإطلاق بين السحابة العامة والخاصة، غير أنه بالنظر إلى النواحي الأمنية قد يكون الاختلاف كبيرا عندما تكون الخدمات والتطبيقات والموارد الأخرى مقدمة من قبل مزودي خدمات سحابية عامة عبر شبكات اتصال غير آمنة أو غير موثوق بها.
السحابة المجتمعية   COMMUNITY
السحابة المجتمعية هي شبه السحابة العامة ولكنها تكون مشتركة بين مجموعة من الأعضاء غالبا ما يكون لديهم أهداف ومهام مشتركة، هذه المنظمات التي تشترك في السحابة المجتمعية لا تريد استخدام السحابة العامة التي تكون متاحة للجميع، وفي نفس الوقت يريدون الخصوصية التي توفرها السحابة الخاصة، فمن هذا المنطلق لا تريد كل منظمة تحمل تكاليف بناء سحابة خاصة بل يريدون التشارك وتقاسم المسئولية فيما بينهم.
السحابة الهجينة   COMMUNITY
نمط السحابة الهجينة هو مزيح من اثنين أو أكثر من الأنماط السحابية، السحابات بذاتها ليست ممزوجة مع بعضها بل كل سحابة تكون منفصلة ومرتبطة بطريقة ما مع السحابة الأخرى، السحابة الهجينة قد تضيف مزيد من التعقيد على البيئة لكنها أيضا تسمح بمرونة أكثر في تحقيق أهداف المنظمة.
هناك حالات متنوعة لاستخدام السحابة الهجينة، على سبيل المثال؛ عندما تريد المنظمة أن تستخدم الخدمات السحابية العامة لتلبية احتياجات مؤقتة والتي لا يمكن تلبيتها باستخدام موارد السحابة الخاصة، والميزة الرئيسية من امكانية توسيع السحابة الخاصة باستخدام سحابات عامة هي أن المنظمة تدفع فقط عند الحاجة لاستخدام تلك الموارد، ولا تدفع أي شيء عند عدم الحاجة.
هذه هي أنماط تدشين السحابة باختصار وقد يوجد أنماط أخرى متفرعة منها أوقد تظهر أنماط أخرى مع مرور الوقت وتعدد أشكال الاستخدام.
الحوسبة السحابية

نماذج الخدمة السحابية

عند النظر بعمق إلى ماهية الخدمات السحابية التي يمكن تقديمها باستخدام التطبيقات السحابية؛ يبدأ الحديث عن نماذج الخدمة السحابية، تعريف ( NIST ) للحوسبة السحابية يضع الخطوط العريضة لثلاثة نماذج أساسية وهي: البنية التحتية كخدمة، والمنصة كخدمة، والبرمجيات كخدمة، وسنعطي تعريف مختصر لكل نموذج.
البنية التحتية كخدمة   INFRASTRUCTURE AS A SERVICE
توفر خدمات البنية التحتية الأساسية للعملاء، ويمكن أن تشمل هذه الخدمات أجهزة حاسب مادية، أو أجهزة افتراضية، أو الشبكات، او أجهزة التخزين أو مزيج من تلك الأجهزة، ومن ثم يكون لديك القدرة على بناء كل ما تحتاجه على تلك البينة التحتية المدارة، من تنزيل أنظمة التشغيل وتنزل التطبيقات التي تريدها …الخ.
تطبيقات البنية التحتية كخدمة تستخدم لتحل محل مراكز البيانات المدارة داخليا، وتسمح للمنظمات المزيد من المرونة وبتكاليف مخفضة.
المنصة كخدمة   PLATFORM AS A SERVICE
هذا النموذج يوفر لك نظام التشغيل ومنصة التطوير – لغات البرمجة – ومنصة قواعد البيانات وخادم الويب، تطبيقات المنصة كخدمة تسمح للمنظمات تطوير البرمجيات دون القلق بشأن بناء البنية التحتية اللازمة لدعم بيئة التطوير، غير أنه بناء على المنصة التي تختارها لتطوير تطبيقاتك فقد تكون أدوات التطوير المتاحة لك محدودة في بعض الأحيان فتنبه لذلك.
البرمجيات كخدمة   SOFTWARE AS A SERVICE
هذا النموذج يتم من خلاله توقير خدمات التطبيقات والبيانات وجميع المتطلبات والبينة التحتية اللازمة من قبل مزود الخدمة، هذا النموذج هو النموذج البدائي للحوسبة السحابية، ولا يزال هو النموذج الأكثر شعبية، ويمثل إلى حد كبير الخيار الأكبر من خيارات مزودي الخدمات السحابية.
هذا هو مفهوم الحوسبة السحابية بشكل شامل ومبسط – أو أرجوا أن يكون كذلك – وسنتحدث في المقال القادم؛ ما الذي يقود المنظمات باتجاه استخدام الخدمات السحابية.