السيطرة المالية هي أسلوب من أساليب السيطرة التي سارت على نهجها الحكومات من أجل تقييد الحرية المالية للأشخاص و الأفراد ، و تقوم السيطرة المالية على جانب رئيسي واحد يكمن في منع أو حظر الأفراد من نقل الأموال كيفما شاءوا و بحرية داخل و خارج البلاد ، و يتم المنع من تحويل الأموال بحرية عن طريق إجبار مختلف الأفراد على الحصول على موافقة السلطات حتى يتم التحويل ، إضافة إلى العديد من الطرق و الضوابط الأخرى التي تفرضها الحكومة على الفرد و التي يجب عليه إحترامها سواءا حققت له رغبته بشأن أمواله أم لا .
و هناك العديد من المعاملات أو الضوابط التي يجب على الأفراد الإلتزام بها مثل المعاملات الضريبية و الرسوم الجمركية التي يجب دفعها أثناء الإستيراد أو التصدير ، هذا إلى جانب الرقابة المصرفية أو المالية على حسابات المستخدمين و التي تقيد عملية المتاجرة في العملات الأجنبية بحرية .
هذا النظام قد فرض سيطرته على مر التاريخ و قد تم استخدام ‘ السيطرة المالية ‘ على نطاق واسع جدا كوسيلة من طرف الأنظمة المستبدة من أجل السيطرة على الأفراد و تقييدهم من الجانب المالي ، مثلا عام 1931 أعلنت جمهورية فايمار في ألمانيا تنفيذها لضريبة تسمى “ضريبة الرحلة” من أجل تقييد أي نقل للثروة خارج البلاد. وبعد قدوم النازيين عام 1933، أصبحت هذه الضريبة تستهدف اليهود الذين يحاولون الفرار بدلاً من استهداف الألمان الأغنياء الذين يحاولون نقل الأموال إلى الخارج.
هناك العديد من البلدان في مختلف أنحاء العالم و التي لازالت تفرض سيطرتها على حرية الأفراد المالية من خلال اعتماد نظام و سن قوانين تسهل عليهم عملية السيطرة المالية ، و خصوصا في البلدان النامية حيث أن ضوابط هذه الأنظمة صارمة جدا ، و نتيجة لهذه الأنظمة المستبدة فإن أغلب هذه الدول تعاني من قيود على مستوى تحويل العملات و هذه تعتبر سياسة تعتمدها الحكومة من أجل منع العملة الرسمية للبلاد من النزول أو إنخفاض قيمتها ، لكن بالعودة لتاريخ الدينار التونسي اي شخص قادر على استنتاج أن هذه السياسة فاشلة تماما .
في أغلب الدول الغربية قد اصبح هناك تحرر ملحوظ فيما يخص الحريات المالية حيث تخلت أغلب الدول الغربية عن ما يسمى بالرقابة المالية و تقييد حرية الفرد المالية ، الاّ أن هذا لا يعني أبدا بأنه لم يعد هناك وجود للسيرطة المالية ، بل على العكس هذا النظام متوغل و بشدة في مختلف البلدان الغربية لكنه يتخد هيئة و اشكالا أخرى ، و على سبيل المثال ما تقوم به الحكومة الأمريكية حيث تجبر البنوك الأمريكية عملائها في مختلف أنحاء العالم على الكشف عن حساباتهم البنكية و أرصدتهم و إيصالات السحب و الإيداع لسلطات الضرائب الأمريكية ، و كل ما إرتفع رصيدك كلما إرتفعت القيمة الضريبية .
و الحال في أمريكا لا يختلف كثيرا عن الحال في الدول الأوروبية بل يمكن أن يكون أسوء حيث أصبحت قبرص تسير على نفس المسار الذي سارت عليه أمريكا بعد الأزمة المالية التي تعرضت لها قبرص في شهر مارس من سنة 2013 .
و تقوم أيضا العديد من الدول النامية بفرض سيطرتها على المعاملات المالية للأفراد و المواطنين من خلال تقييد السكان في مسألة إرسال و إستقبال الأموال من خارج البلاد ، كما تقوم بعض الدول أيضا بإستبعاد أفراد شعبها من إستخدام الأنترنت كوسيلة من وسائل التجارة و إدارة الأعمال لأن ذلك سوف يتطلب تحويل الأموال من داخل البلاد إلى خارجها .
لكن البتكوين يقوم بتدمير السيطرة المالية لأنه عملة تتيح لمختلف الأفراد التعامل بحرية مع أرصدتهم المالية ، و ذلك لأنه و عن طريق البتكوين تستطيع تحويل الأموال إلى جميع أنحاء العالم بحرية تامة و من دون أية قيود بل و المميز في هذه العملة أنك لا تحتاج إلى أية موافقة من أية جهة حكومية .
البتكوين يتيح لجميع سكان العالم إمكانية التعامل بحرية مع أرصدتهم المالية حيث يمكن من خلاله إجراء العديد من التحويلات الدولية بسهولة جدا و بدون أي نوع من أنواع القيود ، و هذا ما جعل أغلب أفراد الشعب الأرجتيني يعتمدون على البتكوين كعملة أساسية للتداول حيث تصل نسبة التعامل بالبتكوين في دولة الأرجنتين إلى ما يزيد عن الـ 60 في المئة .
عملة البتكوين سوف يكون لها دور كبير جدا مستقبلا في تنمية إقتصاد الدول و خصوصا الدول الغربية ،من المتوقع أن تزيد السيطرة المالية في البلدان الغربية، وهذا يعني أن الاقتصاد سيزداد سوءا. وتخطط المملكة المتحدة بالفعل للحد من تدفق الأموال داخل وخارج البلاد في حال تفكك اليورو. في الولايات المتحدة، يعمل بعض أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي بالفعل على تأميم خطة المعاشات التقاعدية الخاصة وحسابات التقاعد في حالة وقوع حادث كبير في الأسواق المالية. الاّ أنه و من المتوقع أن البتكوين مستقبلا سوف يلعب دور المنقذ أثناء إنهيار العملات الرسمية في الأسواق المالية العالمية .